او قصة سيدنا سليمان والجن و قصة الجن سخر الله الرياح لسليمان تجري بأمره حيث يشاء فتسقط الأمطار, وتسوق السفن. وسخر له الجن والشياطين, يعملون له ما يريد من بناء المساكن والقصور,
وستخراج الكنوز ولمعادن النفيسة من الجبال و الارض والبحار وأخضع الله سبحانه وتعالى لسليمان الطير والحيوان فدفعت الرياح السفن بأمر سليمان وعادت تحمل المتاجر من البلاد النائية والجزية من اعداء الله في الأرض والأقطار الواسعة وقامت شياطين الجن بحفر الآبار وبنائها في الصحراء, واصلاح الأراضي المحيطة بها, وقطع الأحجار من الجبال, وبناء المدن والأمصار بشوارعها الممهدة, وميادينها الفسيحة, وجعلت في وسط كل ميدان قدرا كبيرا من الحجر المنحوت,
يشبه وعاء الطعام, ولكنه عظيم الاتساع, وتأتي السحب بعد ذلك فتملؤه بمياه الأمطار, فاذا هي كبيرة عظيمة الاتساع, تكسب الميادين بهجة وجمالا فاذا أخذت المدينة زخرفها وازينت أقبل الناس على سكناها وبذر البذور في الوادي المحيط بها, وريّها بمياه الأمطار والآبار فتخضرّ الأرض, ويعم الخير, ويعيش الناس في رخاء يعبدون الله الواهب الرزاق. وكثرت عمارة المدن, وزراعة الصحارى, وعاش بنو اسرائيل في نعيم ما رأوا مثيله في غابر الأيام والأزمان.
وكان قصر سليمان قصرا رائعا, بل يعدّ من أروع ما تمّ تشييده في هذا الوقت, فأحجاره من الرخام المرمر, وجدرانه وسقفه مموّهة بالذهب الخالص, وقف على كل منها ماردان من عفاريت الجان. ومن المعجزات التي أنعم الله بها على سليمان, أن الشياطين كانت تخرج كل يوم الى الجبال:
بعضهم ينبشونها ويستخرجون دفائنها من الذهب والماس, وآخرون يغوصون في البحار يصيدون حبّات اللؤلؤ الثمينة, ويعود هؤلاء وهؤلاء في المساء, فيضعون ما جمعوا في خزائن سليمان, ثم يغلقون أبواب الخزائن كلها, ويخرجون من سراديبها الى بهو القصر العظيم, فتغلق البوابة الكبرى, ويقف لحراستها ماردان من أشراف الجان, لا تغمض لهما عين. وكان سليمان عليه السلام يعاقب من يخالفه من الشياطين عقابا صارما, فيحبسه في قارورة من زجاج فلا يستطيع الفرار منها طول حياته
